بقلم: عبد الفتاح حمود
في أحد أزقّة حي السرب في مدينة منبج، وبين البيوت المتعبة من الحرب والانتظار، تقف طفلة تُدعى شهد، عمرها ما تجاوز الـ10 سنين، لكنها تتحرك بطاقة امرأة في الخمسين.
شهد ما كانت تلعب مثل باقي الأطفال. كانت كل صباح، تمسك بيد أمها الكفيفة، وتخرج بها إلى السوق، ثم تعود لتجهز لها الدواء، وتجلس معها تقرأ لها القرآن بصوت ناعم كنسمة منبج في الربيع.
🕊️ "بابا ما رجع"
منذ أربع سنوات، غادر والد شهد ولم يعد. لا رسالة، لا خبر، لا أثر. يُقال إنه اختفى في طريقه للعمل عند أطراف المدينة. منذ ذلك اليوم، تغير كل شيء.
"صار لازم أكبر بسرعة... ماما لازم حدا يهتم فيها، وأنا بحبها كتير".
"فرن الطيّب"
شهد بتساعد في فرن صغير بالحارة. تبيع الخبز، وتوزّع البسمة. كل حدا بيعرفها، كل واحد مرّ بها حكى: "هاي البنت بتعمل للناس خبز... وللقلوب دفى".
الخبز مو بس رزق للعيلة، صار طريقة شهد لتقول للدنيا: لسّا فينا نعيش، لسا فينا نحب، رغم كلشي.
"بتحب تتعلّم"
رغم شغلها بالفرن، ما فاتت يوم من المدرسة. تحب مادة العربي، وتحلم تصير معلمة، "بدي أعلّم البنات يلي متلي... يلي الحياة