لينا شاماميان للنيل اليوم: بدايتي كانت بسبب عبارة "مكانك مش هون"

أجري الحوار : حلا الخطيب


في زحمة الأصوات، هناك من يختار أن يكون صدى للروح، لا للضجيج. لينا شاماميان واحدة من تلك الأصوات التي لا تُشبه إلا نفسها، تمضي في خطها الفني بثقة وهدوء، تصنع عالمها الخاص بعيداً عن الصخب، وتدعونا لأن نسمع الفن بشكل مختلف،ومن هذا العالم الذي تنسجه لينا بصوتها، كان لا بد أن نقترب أكثر، ونسألها عن بعض المحطات والتفاصيل التي شكلت مسيرتها


-البداية والهوية :

لينا، لكل فنان شرارة أولى… إمتى حسيتي إنو الموسيقى رح تكون طريقك؟


كنت لسه صغيرة وعم بدرس اقتصاد وإدارة أعمال، وبهديك الفترة حضرت حفلة لفرقة “كلنا سوا” مع الكشاف. اتأثرت كتير لدرجة بكيت، ووقتها حدا قاللي: “محلك مو هون، محلك ع المسرح”.

هالكلمة علّقت براسي، ومن هون بلشت أسأل حالي إذا الغناء هو فعلاً طريقي. رغم إني كنت شايفة الحلم بعيد، بس كانت هاي أول شرارة خلتني أفكر بالموسيقى بجدية… ومع الوقت، وبالصدفة فعلاً وصلت للمسرح


 



-الفن والرسالة :


بتفكّري بالناس يلي رح يسمعوكِ؟ بتحاولي تعرفي شو بيفضّلوا، ولا بتمشي أكتر بالخط التجاري يلي ممكن ينجح بالسوق؟


لكل فن نوعه، وما فينا نعمم. في ناس بتعمل فن لأجل الفن، وإذا حالفها الحظ، ممكن تلاقي ناس تسمع وتكون عم تعبّر عنهم. بس كمان، مو كل فن لأجل الفن يُسمع. كل فنان بيقدّم يلي عنده، والمتلقي بيرجع حسب حاجته، وظروف الوقت والزمن بتفرق.

يعني مثلاً، أوبرا “كارمين” أول ما انعرضت، انرفضت لأنها كانت تُعتبر “سوقية” أو “بوبولر”، واليوم هي من أهم العروض اللي بتنعرض بأكبر دور الأوبرا بالعالم. فلكل زمان مقال.


هذا الجواب العام… أما عني شخصيًا، فأنا أول شي بعزل حالي وبفكر شو بدي قول وشو بدي عبّر، بعدين بفكر كيف العالم ممكن تستقبل هالشي.

لا، ما بمشي بالخط التجاري لمجرد إنه ممكن ينجح. لو كنت عم بشتغل بهالطريقة، كنت وصلت لمطرح تاني اليوم. بس كمان، بحاول آخذ مطرحي وأقدم شي جديد، متل ما عملت بـ”أسمرلون”، كان خط جديد تمامًا.


حالياً بالألبوم الجديد، عم كون شوي أقرب للخط السائد، لأنه أنا كمان بلشت أسمعه وأتأثر فيه، بس لسا ما في مقياس واحد لجمهور المستمعين. لما تكون عروضك بأوروبا، غير لما تكون بالمقاهي، أو بالنوادي، أو حتى بالمطاعم بشرق أو غرب، كل مكان إلو طابع وجمهور مختلف. فما في موسيقى وحدة بتناسب كل العالم، حتى الموسيقى التجارية ما الكل بيسمعها.


اللي بيهمني فعلاً هو إنه أقدر أوصل لأكبر شريحة ممكنة من الناس، مع إنو بعرف هاد الشي صعب. بحب غني للناس اللي بتشبهني، يلي يمكن ما يكونوا من رواد “التيك توك”، بس هني الناس يلي لسا بيعيشوا التجارب وبيحكوا فيها بطريقة قريبة ومشتركة، الناس يلي وعيهم على الدنيا قبل ما يصير الإنترنت والموبايل هنن وسيلة المعرفة والتواصل.


نحنا جيل عنا علاقة مختلفة بالأشياء، بذكرياتنا، وبأحاسيسنا… وهي الشريحة اللي أنا بشعر إنو أغني بتحاكيها، وكتير بفرح لما بشوف بالأرقام على إنستغرام أو فيسبوك إنو حتى الناس الأصغر بالعمر عم يسمعوني.

هاد بيعني إنو لسا في شي بيشبهنا، ولسا نحنا على تواصل. طبيعي إني أشبه جيلي أكتر، بس حلو إني حس إني قريبة كمان من يلي أصغر، ويعني إنو نحنا لسا قراب بفكرنا ومشاعرنا.


 


_المرأة والصوت الفني :


هل واجهتِ تحديات خاصة كامرأة في الوسط الفني؟


ما في امرأة ما بتواجه تحديات بشغلها. إنك تكوني امرأة، يعني إنك بدك تبذلي ضعف أو تلت أضعاف الجهد لتحصلي على نفس الحق أو المردود.

وبالوسط الفني أصعب أكيد، لأنه هو وسط فيه عدد الرجال أكبر بكتير. وأنا هون ما عم احكي كمؤدية أو مغنية، أنا عم احكي ككاتبة، كملحنة، كصانعة أغانٍ، كحدا بيعطوني سكريبت وأنا بطلع منو غنية، هاد مختلف تماماً… هاد المجال أغلب اللي بيشتغلوا فيه رجال.


فأنتِ مسموح تكوني فنانة وبتعبّري وبتمثّلي الشي اللي بينقال إلك تعمليه، لكن كإمرأة، عدد النساء أقل بكتير بمجال الكتابة والإخراج وبعالم الصناعة الفنية، وعدد الرجال أكتر بكتير.


فهل في صعوبات؟ أكيد، في صعوبات كتير.

أهمها إنه عدد النساء قليل، فبيكون صعب نتقابل، صعب ندعم بعض، صعب نعمل متل وحدة حال تقوّينا.


ممكن أنا أقرب حدا إلي بيتعامل بالموسيقى هي سعاد بوشناق، وبنضل نتواصل، فبحس بهيك شكل من الدعم.

وبنبسط بالشغل معها، هي السنة عملت موسيقى “البطل”، وانبسطت لها كتير. بلش شوي النساء تاخد مطرحها…

بس لا يُقارن بعدد الرجال، فـ في تحديات كتير


 


-التجربة في مصر:


مصر بلد غني بالموسيقى والثقافة… كيف أثّرت عليكِ كموسيقية وكإنسانة؟


كل زيارة على بلد معينة إلها بصمتها وبتغيّر فيكي شي.

مصر، فرنسا، تونس… بتلاقي بكل بلد حنية، وبكل بلد قسوة.

اختلاف اللهجات وطريقة التفكير بكل لغة أو لهجة شي بيغنيني موسيقيًا وعلى الصعيد الشخصي.


بس مصر…

تجربتها مختلفة تمامًا، لأني قعدت فيها فترة منيحة.

بحبها كتييير، وبستمتع بكل يوم بقضيه بمصر.

البلد حنون، بلد كتير كبير وكتير حنون بنفس الوقت.

هي قاسية ومختلفة، بس هي حنونة.

وإنك تعيشي بمصر يعني إنك تعيشي أقصى مرحلة من الفرح وأقصى مرحلة من الحزن.

مصر بتعلّمك، بتعلّمك هدول الشعورين بطريقة كبيرة.


تعلّمت بمصر كتير عن اللهجة، عن كيف الجملة بتركّب بطريقة تانية،

اختلاف اللهجة، كيف بتنحكى، بتتغنّى…

وحسّيت بهذا الشي أكتر لما بلّشت أكتب أغاني بالمصري.

فأنا وقتها بلّشت أفهم… أي، بلّشت أفهم مصري أكتر،

اتعلّمت بمصر، وهاد الشي كتير أغناني الصراحة


شكراٍ جزيلاً لينا ..


في نهاية هذا اللقاء، تبقى موسيقى لينا شاماميان جسرًا بين الحاضر والماضي، بين الذات والعالم. صوتها الذي يحمل قصصاً وأحاسيساً يذكرنا دائماً بقوة الفن في التعبير والتواصل