الصيام عبادة الأحرار
كتب : نيفين رضا
من المقاصد العليا للصيام التحرر من عبودية الشهوات.
فما هي الحرية الحقيقية التي نتعلمها في شهر رمضان المبارك ؟!
والمقصود بالحرية :
أن المؤمن كلما تحقّق بالعبوديّة الخالصة لله يصبح حرًا مخلَّصًا من كلّ ما سوى الله حتى من نفسه، وهو عتق النفس الإنسانية من كل رقٍّ: من رقِّ النفس وشهواتها .
وفي عبادة الصيام يتدرب المؤمن تدريباً عملياً على تحرير نفسه من عبودية شهوة الطعام والشراب والمفطرات الأخرى ، وليتحرر بعد ذلك من عبودية المال والجاه والسلطان والمنصب والشهرة ، والعادات السيئة والأخلاق الرديئة ، وغير ذلك من القواطع التي تحجب قلبه عن ربه .
وهناك لفتة رائعة ذكرها الأستاذ محمود شاكر - رحمه الله - في بيان الحكمة من كون الصيام هو البديل عن عتق الرقبة في الكفارات عند عدم توفرها فقال :
( وقد دلَّنا الله سبحانه على طرف من هذا المعنى إذ جعل الصيام معادلًا لتحرير الرقبة في ثلاثة أحكام من كتابه:
1️⃣- إذ جعل على من قتل مؤمنًا خطأ تحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلمة إلى أهله {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء : 92].
2️⃣ - وجعل على الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا تحرير رقبة من قبل أن يتماسا {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة : 4].
3️⃣ - وجعل كفارة اليمين تحرير رقبة {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة : 196] .
فانظر لِمَ كتب الله على من ارتكب شيئًا من هذه الخطايا الثلاث: أن يحرر رقبة مؤمنة من رقِّ الاستعباد، فإن لم يجدها فعليه أن يعمل على تحرير نفسه من رقِّ مطالب الحياة، ورقِّ ضرورات البدن، ورقِّ شهوات النفس .
فالصيام هو عبادة الأحرار، وهو تهذيب الأحرار ، وهو ثقافة الأحرار.