إدمان السوشيال ميديا

 إدمان السوشيال ميديا


كتب: شهد محمد، عبد المعطي عبدالله، يوسف الشعراوي




إنّ الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي والذي يُعرف أيضًا بإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، هو نوع من الاعتماد النفسي والسلوكي على منصات التواصل الاجتماعي ويُعرف أيضًا باضطراب الإدمان على الإنترنت والأشكال الأخرى من إفراط استخدام الإعلام الرقمي، ويعرف عامةً بأنه الاستخدام القهري لمنصات التواصل الاجتماعي والذي ينتج عنه ضرر فادح في أداء الأفراد في مختلف مجالات الحياة لمدة طويلة

 وبالإضافة إلى ذلك فلقد توصل خبراء من مجالات عديدة إلى وجود علاقات بين استخدام الإعلام الرقمي والصحة العقلية وناقشوها، وأثاروا الجدل في المجتمعات الطبية والعملية والتقنية، وأشار البحث إلى أنه يأثر على النساء أكثر من الرجال وأوضح أنه يأثر على الأفراد بحسب منصة التواصل الاجتماعي المستخدمة، ويمكن تشخيص الأفراد بمثل هذا الاضطراب في حال مشاركته في المواقع الالكترونية باعتبارها مسؤولية يومية تحتاج إلى تنفيذ أو لأهداف أخرى مع عدم إعطاء العواقب السلبية أي اعتبار.

ما هي المواقع الأكثر استخدامًا والتي من الممكن أن تسبب إدمان لدى المستخدمين؟

Face book, Twitter, Instegram, Snapchat and whatsapp

 ويقف الفيسبوك رأسهم حيث يستخدمه %71% ممن يدخلون على الإنترنت, ومستخدميه ليسوا فقط كثيرين في أيضًا نشطون في استخدامه, فقد وجد أن 63% من مستخدميه يدخلون عليه على الأقل مرة يوميًا, وأن 40% يدخلون مرات عديدة يوميًا.

و يحتل موقع تويتر المرتبة الثانية، وهو شبكة للتدوينات القصيرة، ويصل عدد مستخدميه حوالي 500 مليون شخص، وتعد ميزته في الغريدات المكتوبة.

يمتاز موقع انستجرام بمشاركة الصور، والتي تمتاز بالجودة العالية، كما يمكن مشاركة هذه الصور من خلال شبكات أخرى كالفيسبوك وتويتر.

يمكن أيضًا تبادل الصور من خلال موقع السناب تشات، وبالموقع خاصية للتحكم في وقت مشاهدة الصورة من قبل الآخرين.

ويوفر واتس أب إمكانية إرسال رسائل نصية وفيديوهات ورسائل مسموعة، ويبلغ عدد مستخدميه 400 مليون مستخدم، وتصل الرسائل المرسلة من خلاله إلى أكثر من 25 مليون رسالة، وأخيرًا يختص موقع يوتيوب بمشاركة الفيديوهات، ويتجاوز مستخدمو هذا الموقع مليار مستخدم.

وهذا الإستخدام الواسع لمواقع التواصل الإجتماعي ينشأ من انتشار الهواتف الذكية ووجود شبكات تواصل وتطبيقات عليها مما سهل على مستخدمي الإنترنت التواصل والتسلية باستخدام جهاز صغير في أيديهم يتيح لهم أشياء كثيرة ممتعة, والدليل على ذلك أنه في السنة الأخيرة كان هناك 300 مليون مستخدم لمواقع التواصل الإجتماعي يعتمدون على جهازهم المحمول فقط .

ما الذي يجعل مواقع التواصل الإجتماعي سببًا للإدمان ؟

لاحظ جون جرهول أستاذ علم النفس الأمريكي أن إدمان امواقع التواصل الإجتماعي عملية مرحلية ، حيث أن المستخدميين الجدد عادة هم الأكثر استخدامًا؛ بسبب انبهارهم بتلك المواقع ، ثم بعد فترة يحدث للمستخدم عملية خيبة أمل منها فيحد إلى حد كبير من دخوله عليها ، ويلي ذلك عملية توازن الشخص.

بيد أن بعض الناس تطول معهم المرحلة فيسرفون في الدخول عليها ولا يتمكنون من الإستغناء عنها .. ويرى البعض أو حسب بعض الدراسات التي تمت في هذا المجال أن أكثر الناس قابلية للإدمان هم أصحاب الإكتئاب والشخصيات القلقة والذين يعانون من الملل كربات البيوت ويرى آخرون بأن الناس الذين تكون لديهم قدرة خاصة على التفكير المجرد هم أيضًاً عرضه للإدمان؛ بسبب انجذابهم الشديد للإثارة العقلية التي يوفرها لهم الكم الهائل من المعلومات الموجودة على تلك المواقع ولا يحس المدمن بالوقت ويتسبب إدمانه في مشاكل كثيرة .

ويبدو أن مصمموا شبكات ومواقع التواصل الإجتماعي قد وضعوا فيها كل العوامل التي تجعلها إدمانية من إثارة وجدة وتغيير وجاذبية وسرعة بحيث يجتذبون ملايين البشر لهذه المواقع فيحققون مكاسب مادية هائلة .

هل من المفترض أن هناك إيجابيات السوشيال ميديا ؟

الإجابة نعم : فما هي تلك الإيجابيات ؟

إتاحة فرص للشباب في التعبير عن أفكارهم: أصبح العالم في ظل مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات متصل بدرجة كبيرة حيث يسهل على أي شخص التعبير عن أفكاره وجمع المهتمين لها من كل أنحاء العالم.

الحصول على الدعم والمشاركة: تشير بعض الأبحاث إلى أن مجرد مشاركة الشخص لمشاكله والتعبير عنها والحصول على دعم الآخرين أو سماع خبراتهم حول نفس المشكلة وكيفية حلها يسهل على الشخص تخطي التجربة بشكل أفضل.

الحصول على فرص عمل والتسويق لأنفسهم: حسب آخر إحصائية يوجد إعلان عن 6.5 مليون فرصة عمل متاحة على موقع com وهو مثال لمنصة تواصل اجتماعي مهنية تهدف إلى ربط الباحثين عن عمل وأصحاب العمل، وأصبحت الشركات تستخدمه كأداة لاستقطاب الموظفين في كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى ظهور ما يسمى بمهارات تسويق والتي يستخدم فيها مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات لإبراز مهارات الشخص وتوثيق إنجازاته في العمل.

فتح آفاق جديدة وكبيرة للأفكار الرائدة: تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي إحدى أهم وسائل التسويق التي تستخدمها الشركات الكبرى والشباب وأصحاب الأفكار الجديدة لتسويق منتجاتهم وخدماتهم، وهما ما يسمى بالتسويق الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

خلق فرص عمل وظهور مسارات مهنية جديدة: أصبح هناك فرص للعمل الكامل أو الجزئي، والتي يستطيع القيام بها العديد من الشباب، مثل: كاتب المحتوى التسويقي، أخصائي التسويق منصات التواصل الاجتماعي، مصمم جرافيك متخصص لتصميم إعلانات المنتجات على منصات التواصل الاجتماعي.

الاتصال الدائم بالعالم: في الماضي لم يكن لدينا الفرصة للبقاء على اتصال دائم مع الأصدقاء والعائلة في حالة وجود كل منهم في دولة أو مدينة أخرى، ولكن الآن أصبح الأمر سهل للتواصل مع أي شخص في أي مكان. وهذا يفتح فضاءات كثيرة للعمل ولأخذ المعلومات من كل مكان.

وإذا كان الإنسان يستخدم كل هذه الإمكانيات .. إلا أن السلوك الإدماني قد تظهر أعراضه من خلال ليس من الاستخدام العادي بل من الاستخدام المفرط و الذي يُظهر الجوانب السلبيه لشبكات التواصل الاجتماعي على الجانب الآخر .

ما هي الأعراض الإدمانية المتصلة بشبكات التواصل الاجتماعي؟

- التوتر والقلق الشديدان في حالة وجود أي عائق للاتصال بشبكات التواصل الاجتماعى قد تصل إلى حد الاكتئاب إذا ما طالت فترة الابتعاد عنها، والإحساس بسعادة بالغة وراحة نفسية حين يرجع الشخص إلى استخدامها.

- إهمال الحياة الاجتماعية. سيطرة شبكات التواصل الاجتماعى على حياة الشخص بالرغم مما تسببه من مشكلات له.

- عدم النوم أو القلق بين الحين والآخر لرؤية قائمة المتصلين بالشخص والرد عليهم.

ومن الآثار الجسدية التي يسببها إدمان مواقع التواصل..

الإصابة بالسمنة؛ وذلك لكثرة الجلوس أمام الشاشات الحديثة سواء من التليفونات أو الكمبيوتر لإجراء النقاشات أو الرد على الرسائل.

ومن الآثار النفسية أيضًا..

- فرض العزلة على النفس والانسحاب من الحياة الاجتماعية.

- غياب لغة الحوار مع الآخر وفرض رأى الفرد.

 كما أكّد أحمد سمير الباحث في علم النفس الإيجابي، أنّ الإدمان السلوكي انعكاس لصراع داخلي لدى الشخص يدفعه إلى إدمان سلوك ما للهروب من المشكلات التي تواجهه مثل التعرض للسوشيال ميديا بكثرة. 

وأضاف سمير، خلال لقائه مع الإعلامية داليا أيمن ببرنامج «صباح البلد» على قناة صدى البلد، صباح الخميس، أنّ بعض الأشخاص الذين يعانون على سبيل المثال من مشكلات في العمل يلجئون إلى إدمان السوشيال ميديا كنوع من أنواع الهروب. وتابع الباحث أنّ الهروب من الواقع إلى السوشيال ميديا يشبه نظرية «بيشرب علشان ينسى»، موضحًا أن الاحتياجات العاطفية أو النفسية غير المشبعة قد تدفع الأشخاص إلى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي.

واختتم أحمد سمير، بالإشارة إلى أنّ إدمان السوشيال ميديا يؤدي إلى الانفصال عن الواقع، وتشتت الانتباه وهو ما ينعكس على الحياة الشخصية بالسلب، وتكون المخاطر مرتبطة بحجم استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي. 



وجدت دراسة أجريت عام 2019 على أكثر من 6500 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عامًا في الولايات المتحدة أن أولئك الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًّا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يتعرضون لخطورة كبيرة؛ بسبب مشكلات الصحة العقلية.


 وجدت دراسة أخرى أُجريت عام 2019 على أكثر من 12000 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 16 عامًا في إنجلترا، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من ثلاث مرات يوميًّا يتنبأ بضعف الصحة العقلية والرفاه لدى المراهقين.

لاحظت دراسات أخرى أيضًا وجود روابط بين المستويات العالية لاستخدام الوسائط الاجتماعية وأعراض الاكتئاب أو القلق.


 وجدت دراسة أجريت عام 2016 على أكثر من 450 من المراهقين أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر أو استخدامها أثناء الليل والاستثمار العاطفي في وسائل التواصل الاجتماعي - مثل.. الشعور بالضيق عند منع تسجيل الدخول - يرتبط كل منهما بنوعية نوم أسوأ ومستويات أعلى من القلق والاكتئاب.

علاج إدمان شبكات التواصل الاجتماعي..

يكون قوام العلاج التركيز على التواصل الفعلي بين الأشخاص عن قرب كما يتعلم المدمنون خلال جلسات العلاج كيفية التحكم في استخدام مواقع الشبكة البينية (الإنترنت) من خلال وسائل عملية، مثل تحديد أسباب الاستخدام، والمواظبة على قراءة الجرائد والتخطيط لأنشطة ومتابعة الأحداث التفاعلية. على مدار اليوم.

 ولأبد من حث التربويين للقيام بوضع برامج وقائية وبرامج علاجية وإرشادية تحد من الآثار السلبية لإدمان شبكات التواصل الاجتماعي للمراحل العمرية في سن المدرسة والجامعة. نشر الوعي بأضرار إدمان شبكات التواصل الاجتماعي، وأثره ليس فقط على الفرد وإنما على المجتمع ككل.

أما بالنسبه للأشخاص، الذين لم يصلوا إلى مرحلة الإدمان، ولكنهم يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي بكثافة، فإنه يمكنهم اتباع بعض الحيل والأساليب البسيطة للحد من استعمال منصات الميديا، ومنها مثلا جعل نغمة الرنين مزعجة أو ضبط صورة خلفية غير جذابة وجعل رموز الوصول معقدة للغاية، بالإضافة إلى تحديد نطاقات خالية من الهاتف الذكي في المنزل مثل طاولة الطعام وطاولة بجانب السرير.