كتب/ أميرة شريف
ما هو زواج القاصرات:
يعبر زواج القاصرات عن إرتباط غير رسمي بين طفل تحت سن ١٨ عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر، وهو إنتهاك لحقوق الإنسان حيث أن هذه الممارسة تبقى واسعة الإنتشار على الرغم من القوانين المناهضة لها.
وفي حديث مع شخصية تدعى"رشا حلوة" عن ظاهرة زواج القاصرات، قالت: "السكوت عن زواج القاصرات في عالمنا العربي هذا والسماح، ما هو إلا تكريس للعقلية الذكورية الموجودة في النسيج الإجتماعي العربي أولاً، وفي كثير من الأنظمة والقوانين العربية ثانياً". ثم أعطت رأيها قائلة: "برأيي، إن زواج القاصرات هو جزء من كل، بمعنى أن مشكلة المرأة العربية تأتي من القوانين الذكورية الظالمة والمجحفة بحقها، والتي لا تتعامل معها كإنسان له حقوق وله إنسانيته مثله مثل الرجل، بالتالي، تتجنى هذه القوانين، وتمكن المجتمع من التجني على المرأة".
وعلى نفس السياق، أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في مقال له نشرته جريدة "صوت الأزهر"، أن زواج القاصرات يسمى فى الفقه بـ"زواج الصغيرات"، وعند الحديث عن هذه المسألة لا بد أن نفرق بين القاصرات بمعنيين، أولهما: القاصرات بمعنى أن الفتاة لم تبلغ بعد سن الحلم، وثانيهما: القاصرات بمعنى أن الفتاة بلغت سن الحلم للتو ولم تكتمل الفترة التي تكون فيها مستعدة نفسياً وعقلياً لهذا الزواج، وتابع قائلا: "لا أظن أن الزواج بالقاصرات ما دون البلوغ هذا أمر كان موجوداً أو حدث أو كان ظاهرة تلفت الأنظار، إنما الذي كان يحدث هو زواج الفتاة بعد بلوغها أو تنتظر حتى تبلغ مباشرة فيتم تزويجها".
وأضاف قائلاً: "لا يوجد نص صريح قاطع (في القرآن أو السنة) يبيح زواج الصغيرات اللاتي بلغن سن الحلم أو يمنعه، ولكن هذا الأمر عولج فى إطار التشريع العام وهو الترغيب في الزواج؛ لأن بالإسلام الزنا محرّم وإتصال الرجل بالمرأة خارج إطار الزواج الشرعي محرّم؛ إذاً لا مفر من تيسير الزواج وتبسيطه والدعوة إليه قدر الإمكان".
النتائج المترتبة على زواج القاصرات:
ويعتبر زواج القاصرات آفة، لا تؤثر فقط على الطفلة وعلى الوالدة وأوالياء الأمور، بل تؤثر على الدولة بأكملها، حيث تحدثت وزيرة التضامن الإجتماعي/ نيڨين القباج عن هذا قائلة: "هذه الظاهرة تتسبب في التأثير السلبي على معدلات تحقيق التنمية بسبب أن زيادة عدد السكان يعنى بالدرجة الأولى زيادة الإستهلاك ومعدل الخدمات المطلوب تقديمها للمواطنين، وزيادة معدل البطالة، حيث إن مصر تستقبل ٢٠٠ ألف مولود كل عام نتيجة زواج الأطفال، وهو ما يمثل ظاهرة لها مشكلات صحية وإقتصادية، وإجتماعية، بالإضافة إلى أنه يتسبب في توريث الفقر من جيل إلى جيل، وهو أمر لا يليق بالحياة الكريمة التي تعمل من أجلها الدولة بأكملها، حيث أطلقت الدولة إستراتيجيتها الوطنية في ٢٠١٩".
وتابعت القباج قائلة:
أن "حملة "جوازها قبل ١٨ يضيع حقوقها" كان لها أهداف والتي منها: استنهاض الرأي العام الرافض لممارسة زواج الأطفال من أجل تجريم كافة أشكال الزواج قبل ١٨ سنة، وتوعية الأسر الأولى بالرعاية، بالأضرار الناتجة عن زواج الأطفال من ناحية الحقوق المدنية والصحية والإجتماعية، مع أهمية إعلام مستفيدي الدعم النقدي "تكافل" بسياسة تطبيق شروط الرعاية الصحية للطفل والأم، وإلحاق الأطفال بالتعليم وحضورهم المدرسي بنسبة ٨٠٪ على الأقل، ومنع زواج الأطفال قبل سن ١٨ سنة".
وفى إطار حرص الدولة على إنهاء تلك الظاهرة، حيث كشفت عضو مجلس النواب المصري، أميرة العادلي، عن واقعة صادمة لأحد صور تفشي زواج القاصرات والزواج العرفي في المجتمع المصري، وقالت البرلمانية، المجلس القومي للمرأة لديه حالة لطفلة تزوجت ٤ مرات في شهر، متابعة: "كل أسبوع بتتجوز واحد، ومفيش عدة ولا أي حاجة".
وأكدت العادلي بأن هناك ١١٧ ألف حالة زواج أطفال في مصر حدثت بالفعل، مشددة على ضرورة توعية المجتمع بالمشكلات التي تواجه الطفلة عندما يتم زواجها بها.
القانون وزواج القاصرات:
كما أوضحت أن القانون المصري يمنع توثيق الزواج قبل سن الـ ١٨ عاماً، لأن مصر وقعت على إتفاقية تنص على أن سن الطفل هو ١٨ عاماً.
وضمن تاثير زواج القاصرات على الأطفال قالت الطفلة إبتسام: "عرفت أن عندما تتزوج الطفلة صغيرة يحدث لها العديد من المشاكل، لدي أصدقاء حدثت معاهم مشاكل بالفعل لأنهم تزوجوا قبل ١٨ عاماً، ولكني أريد أن أتعلم وأصبح مهندسة ولا أريد الزواج بهذة الطريقة حتى لا يحدث معي مثلما حدث مع أصدقائي".
وعلى منوال آخر، حرصت الدولة بشكل كبير على إنهاء تلك الظاهرة الصادمة، حيث تناول مشروع قانون بشأن الأحوال الشخصية، الذي تقدمت به نائبة البرلمانية نشوى الديب عضو مجلس النواب، عقوبة زواج القاصرات. حيث شملت العقوبة كلاً من تسبب أو عقد أو وافق أو وثق أو شهد على عقد زواج قاصر دون السن المذكورة والمحددة للزواج.
كما نص المشروع على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة كل من تسبب أو عقد أو وافق أو وثق أو شهد على عقد زواج قاصر دون السن المذكورة في هذه المادة، ما لم يكن ذلك بأمر القاضي المختص ولا يجوز التنازل عن العقوبة وفقاً لأي قانون آخر".
وعن نتائج تلك الحملة حتى الآن، أشارت القباج إلى وصول الحملة إلى حوالي ٢٠ مليون شخص إعلامياً وميدانياً في القرى والمراكز وعبر وسائل التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية للمؤسسات الصحفية، إضافة إلى ما ينشر من تحقيقات إستقصائية من الشهادات الحية للفتيات والأسر التي عاشت في مأساة زواج الأطفال.