في ذكرى ميلادها ال 143 ... اكتشف المزيد عن رائدة الحركة النسائية في مصر هدي شعراوي

 


كتب : نيفين رضا 


تمر في هذه الأيام الذكرى ال 143، على ميلاد واحده من رائدات الحركة النسائية في مصر في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، أسست أول اتحاد نسائي مصري، من أوائل المشتغلات بالقضايا النسوية وحقوق المرأة وإصلاح أحوالها الاجتماعية وتحريرها، دون المغالاة في هذه الحقوق، رفضت دعوة البعض إلى مساواة الرجل بالمرأة  في الميراث ...... إنها هدي شعراوي 


وفي هذا التقرير سوف نستكشف معاً المزيد عن :


- نشأه هدي شعراوي.

- الظروف التي دفعت هدي شعراوي للاشتغال بالقضايا النسائية.

- مشوار هدي شعراوي لتحرير المرأة.


نشأة هدي شعراوي:


هي نور الهدى محمد سلطان، ولدت في مدينة المنيا في صعيد مصر ، في 23 يونيو 1879، وهدى شعراوي هي ابنة محمد سلطان باشا، رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق والسيدة إقبال ذات الأصول القوقازية، وتلقت تعليمها في المنزل، نظرًا لرفض أهلها فكرة ذهابها للمدرسة، فحفظت القرآن الكريم، وتعلمت مبادئ القراءة والكتابة، وتعلمت الفرنسية والتركية، وبعد وفاة والدها، تم تزويجها لابن عمتها علي شعراوي، رغم فارق السن بينهما، وذلك بعد ما أصبح واصياً شرعيًا على أملاك أسرتها، وسميت فيما بعد على الطريقة الأوروبية بـ هدى شعراوي إلحاقًا بإسم زوجها.


الظروف التي دفعت هدي شعراوي للاشتغال بالقضايا النسائية:


كأغلب الشخصيات النسائية اللواتي تبنين تحرير المرأة، كنَّ في الواقع شخصيات مأزومة، فقد عاشت هدي شعراوي ظروفاً اجتماعية قاسية منها:

 

-تفضيل أخيها الصغير "خطاب" عليها في المعاملة، على الرغم من أنها تكبره بعشرة أعوام، فتقول: "كانوا في المنزل يفضلون دائمًا أخاها الصغير في المعاملة، ويؤثرونه عليها، وكان المبرر الذي يسوقونه إليها أن أخاها هو الولد الذي يحمل اسم أبيه وهو امتداد الأسرة من بعد وفاته، أما هي فمصيرها أن تتزوج أحدًا من خارج العائلة، وتحمل اسم زوجها، خاصة إهتمام والدتها به، كان ذلك أول الصدمات التي جعلتها تكره أنوثتها - بحد وصفها - فقط لأنه ولد".


-زواجها من ابن عمتها، وتقول أن الزواج الذي حرمها من ممارسة هواياتها المحببة في عزف البيانو وزرع الأشجار، وحدد حريتها بشكل غير مبرر، كما كتبت عن زواجها في مذكراتها : " بأنه كان يسلبها كل حق في الحياة وذكرت من أمثلة ذلك ما نصه : ( لا أستطيع تدخين سيجارة لتهدئة أعصابي حتى لا يتسلل دخانها إلى حيث يجلس الرجال فيعرفوا أنه دخان سيجارة السيدة حرمه إلى هذا الحد كانت التقاليد تحكم بالسجن على المرأة وكنت لا أحتمل مثل هذا العذاب ولا أطيقه)، الأمر الذي أصابها بالاكتئاب لفترة استدعت فيها سفرها لأوروبا للاستشفاء، وهناك تعرفت على قيادات فرنسية نسوية لتحرير المرأة؛ الأمر الذي شجعها في أن تحذو حذوهم.


-وفاة أخيها الصغير وسندها في الحياة "خطاب"؛ مما جعلها تشعر بالوحدة والأزمة؛ لأن من يفهمها في هذه الدنيا رحل عنها، خاصة أنهما متشابهان في الذوق والاختيارات، كما أنه اليد العطوفة عليها بعد وفاة والدتها وزواجها من شعراوي باشا.



مشوار هدي شعراوي لتحرير المرأة:


بناءاً على هذه الظروف السابق ذكرها، كانت بداية نشاطها لتحرير المرأة كما عبرت، أثناء رحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها، وانبهارها بالمرأة الإنجليزية والفرنسية في تلك الفترة للحصول على امتيازات للمرأة الأوروبية، وهناك تعرفت على بعض الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وعند عودتها أنشأت هدي شعراوي مجلة " الإجيبسيان " والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية، ثم بدأت نشاطها الاجتماعي العام فى العشرين من عمرها عندما شاركت فى الجهود الأهلية لمقاومة الوباء الأصفر الذى اجتاح البلاد، وفى سنة 1907 دعت لجمع تبرعات لإنشاء "جمعية رعاية الطفل" وتحمس الناس لها  لكن الحكومة حينها أوقفت المشروع بشكل كامل، وفى سنة 1908 بدأت الدعوة لمحاضرات ثقافية للسيدات فى قاعة من قاعات الجامعة الأهلية، ووافق الأمير أحمد فؤاد فى عام 1909م على تخصيص قاعة لمحاضرات السيدات يوم الجمعة فقط من كل أسبوع، كما أسهمت أيضًا في تأسيس مبرة "محمد علي" في 1909، وهي مؤسسة خيرية كالمستشفي أو الملجأ تأوي المرضي والأيتام.


وعندما قامت ثورة 1919 اجتمعت بسيدات من مصر فى الكنيسة المرقسية وتم انتخاب اللجنة التنفيذية للنساء الوفديات برئاسة هدى شعراوى،كما قادت مظاهرات السيدات عام 1919، وأسست "لجنة الوفد المركزية للسيدات" وقامت بالإشراف عليها.


كما دعت هدى شعراوي في عام 1921، وفي أثناء إستقبال المصريين لسعد زغلول، إلى رفع السن الأدنى للزواج للفتيات ليصبح 16 عاما، وكذلك للفتيان ليصبح 18 عاما، كما سعت لوضع قيود للرجل للحيلولة دون الطلاق من طرف واحد، كما أيدت تعليم المرأة وعملها المهني والسياسي، وعملت ضد ظاهرة تعدد الزوجات، كما دعت إلى خلع غطاء الوجه وقامت هي بخلعه، وهو مااعتبره البعض وقتها علامة "انحلال"، لكنها حاربت ذلك للدعوة إلى تعليم المرأة و تثقيفها و إشهار أول اتحاد نسائي في مصر.


وطالبت بفتح أبواب التعليم العالي للفتيات لتعليمهن، وإتاحة حق الانتخاب لهن بالتساوى مع الرجال، وتحصين المرأة من الظلم الواقع عليها في دار الطاعة.


وفي 16 مارس من عام 1923، قامت هدي شعراوي بتأسيس جمعية باسم الاتحاد النسائي المصري، وشغلت منصب رئاسته حتى عام 1947، تمثلت أهدافها في رفع مستوي المرأة الأدبي والإجتماعي، للوصول إلي الحد الذي يجعلها قادرة علي الاشتراك مع الرجل والمساواة معه.


  كما كانت عضوا مؤسساً في "الإتحاد النسائي العربي"، وصارت رئيسته في عام  1935، وفي نفس العام صارت نائبة رئيسة لجنة اتحاد المرأة العالمي، وكذلك دعمت إنشاء نشرة "المرأة العربية" الناطقة بإسم الإتحاد النسائي العربي، وأنشأت مجلة المصرية في عام 1937.


حضرت عدة مؤتمرات دولية منها مؤتمر روما عام 1923 و مؤتمر باريس عام 1926 و مؤتمر أمستردام عام 1927 و مؤتمر برلين عام 1927 و مؤتمر إسطنبول عام 1935.


كما ناصرت هدى شعراوي القضية الفلسطينية فنظمت أول مؤتمر نسائي للدفاع عن فلسطين في سنة 1938، وبعد قرار التقسيم سنة 1947، دعت النساء إلى تنظيم جهودهن لجمع المال وإعداد الكساء وجمع متطوعات للعمل في التمريض وإسعاف المصابين الفلسطينيين.


وتبرعت هدي شعراوي، بعيدًا عن الحركة النسائية، بمبلغ كبير من رأس المال المطلوب ﻹنشاء بنك مصر، كما كونت "جماعة أصدقاء مختار" لتخليد ذكري أعمال الفنان المصري محمود مختار.


وفي عام  1947 رحلت  هدي شعراوي ليبقي اسمها خالدًا في صفحات التاريخ وبوجدان النساء العرب لا يمحوه فعل الزمن، باعتبارها كانت أهم الناشطات النسائية في نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.