«الحرب العالمية الثالثة» يتصدر «تويتر» مع بدء هجوم روسيا على أوكرانيا





كتب_سما أبوغدير  


تصدر هاشتاغ الحرب العالمية الثالثة، بين روسيا وأوكرانيا مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، بعد العمليات العسكرية الروسية منذ ساعات على أوكرانيا، وسط جدل محموم حول انعكاسات هذه المواجهة العسكرية على المنطقة العربية.


شكل هذا الخبر مادة نقاش لرواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انبروا في مناقشة وتقديم قراءاتهم الخاصة لتداعيات هذه الحرب على المشهد الأمني والسياسي في المنطقة بأسرها، بينما أعاد البعض منهم نشر مقاطع أو صور للرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.


ونشر عدد من المستخدمين عبر حساباتهم على موقع تويتر مقطع فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يمارس الرياضة في إشارة إلى استعداده للدخول في المواجهة العسكرية، مقابل مقطع فيديو للرئيس الأميركي جو بايدن وهو يتعثر أثناء صعوده سلم طائرة الرئاسة الأميركية.


وأُطلقت صافرات الإنذار في وسط العاصمة الأوكرانية كييف بحسب ما أفاد مراسلون في وكالة الصحافة الفرنسية.


وسُمع دوي انفجارات قوية في العاصمة وكذلك في مدينتي أوديسا (جنوب) وخاركيف قرب الحدود الروسية، وفي شرق أوكرانيا بعدما أعلن فلاديمير بوتين عملية عسكرية ضد البلاد.


من جهة أخرى، ناشد مغردون بوقف الحرب لانعكاساتها على الأوضاع الإنسانية، مستشهدين بتجارب عدد من الدول العربية التي شهدت نزاعات مسلحة مثل سوريا


- ماهي أسباب الحرب بين روسيا وأوكرانيا ؟


في ديسمبر عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى روسيا وبيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي، غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة (جي يو إس). كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص. لكن ذلك لم يحصل. فبينما تمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائماً على الغرب. 


خلافات


شهدت موسكو وكييف أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فلاديمير بوتين ، بدأت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة "كوسا توسلا" الأوكرانية، واعتبرت كييف ذلك محاولة لإعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين، وازدادت حدة الصراع، ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني. عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات.


أثناء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، دعمت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن "الثورة البرتقالية" حالت دون فوزه، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب، فيكتور يوشتشينكو،و خلال فترته الرئاسية قطعت روسيا إمدادات الغاز عن البلاد مرتين، كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا.


وحاول الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقبول عضويتهما من خلال برنامج تحضيري. قوبل ذلك باحتجاج بوتين، وموسكو أعلنت بشكل واضح أنها لن تقبل الاستقلال التام لأوكرانيا، كما أن فرنسا وألمانيا حالتا دون تنفيذ بوش لخطته، وأثناء قمة الناتو في بوخارست تم طرح مسألة عضوية أوكرانيا وجورجيا، ولكن لم يتم تحديد موعد لذلك.

ولأن مسألة الانضمام للناتو لم تنجح بسرعة 


- العالم والحرب العالمية الثالثة 


خلال إحياء الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، في مقبرة عسكرية إيطالية، قال البابا فرانسيس: «حتى اليوم، بعد الفشل الثاني لحرب عالمية جديدة، ربما يستطيع المرء التحدث عن حرب عالمية ثالثة، تخاض تدريجياً، وتحصلُ فيها الجرائم والمذابح والدمار».


وقد يقول معظم الناس إن الحرب الباردة ربما بدأت جدياً وهم على الأرجح لا يستندون إلى سبب رصين في حكمهم، ولكن هذا السبب في الوقت عينه مُهم جداً، مثل انشقاق إيغور غوزينكو


وهو كاتب الشفرات في السفارة السوفييتية في كندا، والذي فر آخذاً معه 109 وثائق، توثق بالتفصيل التسلل السوفييتي إلى الغرب. هل علم من عايش أحداث عام 1945 أن الحرب الباردة بدأت حقاً؟ حسناً، لقد حدد التاريخ وبأثر رجعي أنها بدأت فعلياً في ذلك التاريخ. وبالطريقة ذاتها، يمكن أن تكون التحذيرات الرهيبة التي أطلقها تشرشل قبل مدة طويلة من اعتبار التاريخ هذه الأحداث مهمة.


إذاً، هل بدأت الحرب العالمية الثالثة؟ وإذا كانت بدأت بالفعل، فهل تتناسب ووصف البابا لها؟ ستكون الحرب العالمية الثالثة لامركزية للغاية، ومعقدة، وسرية، ومتنوعة التكتيكات، وستكون حرباً تتجاوز نموذج دولة ضد أخرى. فالحروب الجارية حالياً في العالم، إما إيديولوجية بالمعنى الديني المحض، أو اقتصادية بحتة تسعى لتعظيم الأرباح (على عكس الحروب التي تروج الأيديولوجية الشيوعية أو الرأسمالية)، وتحدث هاتان الظاهرتان في الوقت ذاته.


الإرهابيون من عناصر تنظيم «داعش» وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، ومختلف الجماعات المتشددة الأخرى في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، فضلاً عن جهود التجنيد التي باتت تصل للدول الغربية، جميع هؤلاء منخرطون في نوع واحد من أنواع الصراع، ألا وهو الصراع الديني الأيديولوجي. وهؤلاء مقاتلو حرب عصابات ذوو مرجعيات متفاوتة جداً، أتوا من كل أنحاء العالم للقتال مع مجموعات تفتقر إلى حد كبير للهيكلية الهرمية وللتنظيم.


وتتألف المجموعة الثانية من المحاربين من الدول القومية، وتشارك في حرب اقتصادية لامركزية، لا تقتصر على حدودها الجغرافية، أو تستند إلى أي أجندة سياسية أيديولوجية. والتركيز على الاقتصاد بدلاً من الدفاع عن حدود الوطن أو عن عقيدة سياسية ما، هو ما يجعل الصراعات الحالية لمجموعة الدول القومية تختلف عن الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.


الصين، على سبيل المثال، بدأت تلتهم موارد في دول أميركا الجنوبية وإفريقيا، دون إطلاق رصاصة واحدة. وهذا النوع من الحرب يفسر لماذا تنخرط الدول القومية في أنشطة استخباراتية اقتصادية، عبر سفاراتها في الخارج. وهذه الحقيقة هي التي وجدها العميل السابق لدى المخابرات الأميركية، إدوارد سنودن، صادمة بشكل حمله على كشفها علناً.


وقد يسبب الكشف عن مثل هذه المعلومات السرية، ضرراً خطيراً للمصالح الوطنية عبر تقويض تنافسية بلد ما. وكون الحرمان الاقتصادي يدخل في حساب الأمن القومي، فهذا موضوع نقاش، ولكن الأمر لا يتعلق بالتصور القائل إن بلداً يتعرض لضربة اقتصادية سيشهد تراجعاً عاماً في الموارد، بما في ذلك تدني مستوى الأمن القومي.


وتُستخدم في نوعي الحروب المعاصرة هذه، الدينية الأيديولوجية والقومية الاقتصادية، وسائل تكتيكية جديدة لم نرها من قبل، ينطوي معظمها على تكنولوجيا جديدة لأغراض الحرب النفسية.


ويستخدم النموذجان وسائل الإعلام الاجتماعي، لنشر المعلومات والدعاية المغرضة، والهجمات الإلكترونية لكسب الدعاية أو لإثارة الخوف العام. ويمكن القول على نحو يحتمل الجدل، إن هناك حالياً ما يكفي من الصراعات على امتداد العالم، من كل من هاتين الفئتين، لتكوين بؤر توتر لحرب عالمية ثالثة بأثر رجعي.


وما تبقى هو ما إذا كانت الحروب الدينية الأيديولوجية «الساخنة»، ستندمج بطريقة أو بأخرى مع حروب الدولة القومية الاقتصادية «الباردة»، في صورة تأخذنا إلى نقطة اللاعودة، وإلى أسوأ نتيجة ممكنة. وقد تؤرخ هذه الصراعات الدينية الأيديولوجية في التاريخ، باعتبارها الشرارات التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الثالثة، بينما كانت جميع القوى العظمى مشتتة.