المفتي السابق "علي جمعة" يوضح فضل ومنزلة الليل في الإسلام



كتب_ فداء عاطف

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن الليل في الإسلام له منزلة كبيرة، فقد أقسم الله تعالى به كثيراً في كتابه الكريم، وفي ذلك دلالة واضحة على عظم شأنه وشرف وقته ومدي تأثيره في الكون.


وأضاف "جمعة" عبر موقعه الرسمي، أن الله سبحانه وتعالى قال: (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ) [المدَّثر:33]، (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) [التَّكوير:17]، (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ) [الانشقاق:17]، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) [الفجر:4]، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا) [الشمس:4]، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) [الليل:1]، (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) [الضُّحى:2].

وأوضح "المفتي السابق" أنه ورد ذكر الليل في القرآن اثنتين وتسعين مرة أكثر من النهار الذي ورد ذكره سبعا وخمسين مرة، وفي الليل كانت معجزة الإسراء والمعراج (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) [الإسراء:1].


وتابع: وفي الليل كانت مناجاة الله لكليمه موسى عليه السلام: (إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ) [طه:10]، والليل يبدأ قبل النهار في حضارة المسلمين ودينهم وتراثهم، فيُصلون التراويح في الليلة التي يرون فيها هلال رمضان ويبدأون التكبير من ليلة العيد.


وسياقاً لما سبق ففى الليل تسري طاقات الأنوار التي يتجلي بها الله على خلقه، كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر (البخاري ومسلم)، موضحًا أن المحظوظون هم الذين يأتون بأوعية قلوبهم لتنهل من هذه المنح الصمدانية وتتعرض للتجليات الإحسانية، وقد مدحهم الله فقال: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ) [السجدة:16]، وقال: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) [الذاريات:17].



وأكمل حديثه قائلاً: وأعظم مثال في ذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم- فمع أن النبوة وهب لا كسب، ومنحة لا يأتي بها طلب، وعطية لا يقوم لها اجتهاد، إلا أن الله ألهم نبيه التهجد قبل بعثته الشريفة، فكان يتعبد ربه في غار حراء الليالي ذوات العدد، ليتزامن العطاء مع الاجتهاد، ويكون ليل المتهجدين توطئة لنفحات القرب ونسائم الوصل، وبعد النبوة قام الليل حتى تورمت قدماه الشريفتان، شكراً لله على عطائه، وحمداً لله على نعمائه، قال القشيري: لما كان تعبده -صلى الله عليه وسلم- وتهجده بالليل جعل الحق سبحانه المعراج بالليل.



واختتم: وعلى هذا جرت سنة الله تعالى- في الفتح على أوليائه ميراثا محمديا -كما يقول "أهل الله"-: فلا تنعقد ولاية لولِيِّ إلا ليلاً، ويقول شاعر الإسلام "محمد إقبال": كن مع من شئت في العلم والحكمة، ولكنك لن ترجع بطائل حتى يكون لك أنه في السَحَر.