أبناؤنا ضحايا



كتبت : ندى الحنبلي
مَن كان يتوقع أن شاشةً صغيرة سيكون بمقدورها  أن تصبح مُعلماً أو قدوة لأطفالنا قد تكون حسنة أو سيئة بحسب ما يُعرَض عليها .
وعلى سبيل المثال فإن الدراما التليفزيونية - في أيامِنا - تُساهم بشكل كبير في ترسيخ بعض مفاهيم العنف ( البلطجة ) في أذهان الصغار قبل الكبار ، والغريب أنها باتت في الآونة الأخيرة تُجسّدها في صورة شخصيةٍ مُحبَبة لقلوب الجماهير كالشخص الذي يسترِد حقه بالعنف والشدة والقتل المتعمد أحياناً .
ولا يقتصر إعجاب المشاهدين على مدح و تأييد تلك الشخصية بل يسعون للتشبُه بها ومحاولة تقليدها في طريقة كلامها و تعاملها وحتى شكلها .
وأصبحت مشاهد الإنتقام العنيفة والإيذاء الجسدي تُشفي غليل المشاهد وتُذيقه لذة الإنتقام و استعادة الحق بالقوة حتى وإن كان ذلك في سبيل  التخلي عن المباديء والقيم الأخلاقية .
في سهرةٍ عائلية يُشاهد أفراد العائلة تلك المسلسلات الدرامية بغرض المتعة وتمضية الوقت مع أطفالهم جاهلينَ حجم الضرر الذي ستُسببه تلك المشاهد العنيفة في تكوين شخصيات أبنائهم و ممارسة السلوك العدواني مع مَن يُحِيطون بهم .
فتبدأ بعض التصرفات المُتطرِفة بالظهور على أحد الأبناء كممارسته للتنمّر على أصدقائه تنمراً مباشراً بالإعتداء الجسدي بالضرب والركل والبصق أو تنمراً غير مباشر عبر تهديد الآخر وعزله إجتماعياً من خلال تلفيق الشائعات، الإنتقاد والتجريح الدائم بالسخرية من الشكل الخارجي، العِرق ، الإعاقة ، وكذلك من خلال العنف اللفظي كالسب والتوبيخ .
فلابد من خضوع الأعمال التليفزيونية بجميع أنواعها للرقابة المشددة ومراعاة جميع الفئات العمرية مع محاولة الحد من الأعمال الدرامية التي تساهم بشكل أو بآخر في تربية السلوك العنيف مع ضرورة متابعة الآباء لما يُشاهده الأطفال من مسلسلات وبرامج وإعلانات والقيام بالشرح والتوجيه لتجنب تعرضهم لمشاهد العنف والألفاظ السلبية .